kolanas - 2022-12-24 09:14:31 -
طرحنُا اليوم يتمحور حول التغيرات التي تدرجت من وضع الى آخر في ترتيب سلم الافضليات القيمي والاخلاقي الذي حصل عبر السنين في الشارع الاسرائيلي. الدولة ذات الطابع اليهودي التي تتغنى بقيم سامية على الملأ وفي كل فرصة تسنح بذلك لمواطنيها اليهود. هل طرأ أي تغيير قيمي اخلاقي عبر السنين؟ في أي مسار وماذا تُرينا الاحداث؟ السرد سوف يتمحور حول احداث بأجواء تحليلية للسياسة وللسلوكيات وليس بالضرورة كتسلسل تاريخي.
بداية انوه، بان اختار من يختار من اصحاب القرار في اسرائيل بأن يُنقِّي وأن يُصنّف كيفية التعامل والسلوك حسب سلم قيمي واخلاقي متغيّر، بحسب انتماء من هو قُبالته اجتماعياً او قومياً, الا ان الازدواجية السلوكية هذه جّرت معها تغيرات اخلاقية كمرد ذاتي / بوميرانج على من اتخذها دون ان تؤخذ في الحسبان اعقابها.
*نهج التطهير العرقي من أجل بناء الدولة وتعزيزها*
رأى اصحاب القرار اثناء وبعد اقامة دولة إسرائيل، بأن ما يعيق بناء وتعزيز الدولة هو ديموغرافي سلطوي، اي ان التعداد السكاني اليهودي قليل قياسًا بالتعداد السكاني العربي، وتعداد الجنود الاسرائيلية قياساً للجيوش العربية من حولها. وعليه فقد اختار اساليب متعددة تصورُهُ بمنظار القوي على الحلبة المحلية، أو المسكين الذي شبه أُبيد دون ان يسانده أحد على الصعيد العالمي. اضافة الى القيام بغزوات مفاجئة مضمونة عبر الحدود من ناحيته لزرع الذعر والوجل في قلوب اعدائه ومَن قد يقومون بمحاربته. لم يكتفِ بهذا، بل أن توجهه وتعامله كان ثنائي التعامل الاخلاقي والانساني، الاول تعامل شبه متجانس بين اليهود في ارض اسرائيل والثاني هابط اتجاه غير اليهود القاطنين في ارض الميعاد.
الامثلة عديدة، تتضمن إرغام المواطن العربي على هجرة بيوتهم بشكل مباشر او من خلال خلق اجواء ذعر وخوف في قلوبهم وفي محيطهم، طريقة احتلال حيفا هي مثال لزرع الذعر، بعض التهجير وبسحب النراتِڤ/ السرد العربي تم عنوة وبشكل خالٍ من الانسانية وترك في قلوب المهجرين الرغبة بالعودة الى بيوتهم. فقد اقفلوا الابواب واخذوا معهم المفتاح على أمل العودة، وأصبح المفتاح ورُزمة الرحيل رمزاً لتهجير المواطنين العُزل في الثقافة والفنون العربية. والسلوك تعدى الى مرحلة أصعب من حيث انعدام اخلاقيته وانسانيته اتجاه المواطنين غير اليهود، عمليات تسميم مصادر مياه وصفت على يد بعض الباحثين بعمليات تطهير عرقي شبه ابادية وهادفة الا يعودوا الى بيوتهم إن سَلِموا. جاء فكر "ابداعي" من قبل بن غوريون، يغئال يدين، موشيه ديان وافرايم كتسيرِ. الفكرة نُسجت من سياسة بن غوريون المُعرفة ب- "تطوير العلم والاسراع باستعماله في المعارك"، ونفذت بإشراف موشيه ديان (أرشيف جيش الدفاع، أُوري ميلشتين، 13.1.2009). وتفيد التقارير ان اسم هذه الحملة كان "شلاح لحميخا.." - ابعث بمعروفك.. وانه تم اعتقال جنديين اسرائيليين على يد القوات المصرية وهما متلبسان بالجرم المشهود، في منطقة غزة ومعهما "مطرة ماء" مقسمة الى جزئين، الجزء السفلي حمل السم البيولوجي المُعد لتسميم مصادر مياه باستعمال العرب الفلسطينيين كي يبدو وكأنه طبيعي، اسماء الجنود داڤيد حورين وداڤيد مزراحي (سلمان ابو سيتا، الاهرام الاسبوعية، 27.2-5.3 سنة 2003).
حدث آخر يبيّن تآكل في سلم القِيم، هو مجزرة كفر قاسم (1956)، من خلالها تم اعدام عشرات الرجال، النساء والاطفال الذين عادوا الى بيوتهم بعد يوم عمل، صادف هؤلاء حاجزًا عسكريًا قد فرضت قيادته حظر تجول دون ابلاغهم بشأنه، الا ان أمر القيادة لأفراد الحاجز كان "الله يرحمهم" وعليه تم إطلاق النار عليهم مما أردى 43 قتيلاً منهم (ارشيف جيش الدفاع الاسرائيلي).
عملية اباحة القيم التي تقدِّس حياة الانسان كنهج سياسي استمرت في السير قدماً من رأس الهرم هبوطاً الى القيادات والى الجنود، ففي تاريخ 31 آذار 1958 اعطى بن غوريون امراً بإبادة كل القرى المتواجدة على طريق القدس (الارشيف). هذا تطور في التوجه من السرية الى العلنية، تطور يذوِّت الاباحة وتآكل القيم الانسانية والاخلاقية بهذا التطرف الى عدد كبير مما قد يجعله مقبولًا على العامة حين يكون التصور المرسوم تحت غطاء الأمن وقدسية الحياة اليهودية وتصوير الآخر بالعدو الهادف لقتله وابادته.
*سياسة الازدواجية الأخلاقية*
الازدواجية في القيم الاخلاقية والاجتماعية والديمقراطية استمرت بمراحل أخرى، الا أنها لبست طابعاً آخر، فبَعد تواجد وضع قائم ومناخ عالمي ينادي الى تعامل انساني تحت رقابة قدر الامكان، كان من الصعب الاستمرار بسياسة التهجير والمس بحياة الناس بسهولة. وعليه تجسّدت سياسة اخرى تهدف تجميد القرى غير اليهودية وعدم مساندتها او مرافقتها في التطور. بالعكس كان السعي الى تفقيرها وتهميش دور السلطات المحلية بها. التجسيد كان بشحة الميزانيات قياساً بالمدن والقرى اليهودية، حتى ان مفتاح ميزانيات وزارة الداخلية أُعطيت للرأس اليهودي كانت أكبر من ميزانية اي رأس آخر. الامثلة عديدة، مثل عدم توفير اماكن عمل، فرص متساوية للعمل، عدم محاربة البطالة في الوسط غير اليهودي، تصعيب مسار الالتحاق بمؤسسات التعليم العالي، فامتحان البسيخومتري مبني بغالبيته على مفاهيم وثقافة يهودية لا تمت بغيرهم بأية صلة. في هذه المرحلة،كان السعي الى عدم الانماء والتطور الى حد التجميد الزمني بها، نهج تهجير وتجهيل مُرسخان. دون توسيع رقعة النفوذ والخرائط الهيكلية رغم الازدياد السكاني في القرى. هنا رقعة التآكل القيمية توسعت الى نطاق كبير، تخللت المؤسسات الحكومية والتنفيذية.
*تآكل قِيمي جراء السيطرة على شعب آخر*
مسيرة التآكل في القيم والاخلاق زادت وتفاقمت مع السيطرة الاسرائيلية على الضفة الغربية وقطاع غزة. هنا ظهرت ازدواجية التعامل بين المواطنين الفلسطينيين المحليين وبين المستوطنين المحليين على صعيد سياسات الحكومات الاسرائيلية وعلى صعيد المستوطنين ذاتهم الذين تصرفوا بفوقيات مفرغ منها ومستقاة من سفر بمدبار 23,9, والذي ينص على ان الشعب اليهودي يحيا لوحده ولا يراعي شعور واحتياجات من لا ينتمي اليه. وعليه بانت جلية وعلنية ظواهر من التنكيل والمس بالفلسطينيين وبالممتلكات الشخصية، حرق محاصيل او سرقتها، ضرب الفلسطينيين وابعادهم عن مصادر رزقهم، اضافة الى زرع الذعر والمس الجسدي بهم الى حد الاعاقة او الاماتة أحيانا. رد والفلسطينيون بأعمال انتقامية، الا انهم ليسوا موضوع طرحنا اليوم. الحكومات الاسرائيلية من جهتها كانت تتغاضى وأحيانا تتبنى اعذاراً لتصديق روايات وروايات... والجيش الاسرائيلي بدوره خاض صعوبات جمة وتصادم بين القيم التي ينادي بها ويؤمن بها وبين التصرف غير الاخلاقي الذي يتغاضى عنه ويغطي عليه. والنتائج ظهرت في تصرفات غريبة دون مبررات في حملات عسكرية قامت بها قوات من الجيش في الضفة الغربية. فلماذا قامت مجنزرات بدهس سيارات مدنية كانت على هوامش الطريق، دعس الى حد تسطيحها ارضاً!؟. هنا شوهدت سلوكيات غشيمة من دوافع الحقد والكراهية ونتيجة لتآكل عميق وواسع في القيم والاخلاق الانسانية اتجاه الآخر وإن كان لأول وهلة مقولب فكرياً في خانة العدو او العدو الاحتمالي، حلقات التآكل هنا توسعت أكثر وأكثر واصبحت في محط "المقبول" اجتماعياً.
*تآكل في قيم الصداقة والشراكة*
حتى الآن حلقات التآكل الاخلاقي كانت قائمة بازدواجية، قيم بين اليهودي وأخيه اليهودي وقيم أخرى ومغايرة بين اليهودي وغير اليهودي، سيما إذا كان الحديث عن صراع بقاء يهودي او تعامل مع عدو فعلي او عدو احتمالي له. الا ان الازدواجية الاخلاقية هذه لا تبقى في اطر وقوالب محدودة، فالتآكل يتفاعل في داخل الانسان، يتبلور ويتوجه الى المحيط دون اي تفرقة.
هنا سنرى ان السلوك الناتج عن التآكل الاخلاقي يتوجه الى الصديق والى الشريك في بناء الدولة. هناك مَن يظن ان للبعد الزمني تأثير على الذاكرة الاسرائيلية حول دور الدروز، اضافة الى تغاضي مُعَمَّد وعدم اكتراث بدور الصديق، فهي قضية زمن ومسألة تعزيز قوى حتى يتم تصفية الصديق ايضاً كتتمة لما ورد في سفر في الصحراءـ "بمدبار" آنف الذكر.
سياسة اصحاب القرار اتجاه الطائفة المعروفية كانت وما زالت في خانة خدمة مصلحتهم. هناك من احترم صداقتهم ودورهم ببناء دولة اسرائيل وبتعزيز امنها وهناك من تغاضى ولم يكترث. ألمَس بقيمة الصداقة والاحترام والتبادلية والشراكة تمثلت ببناء مخطط لتهجير القرى الدرزية الى مناطق حدودية محاذية لدول في علاقات عدائية مع إسرائيل، مثل سوريا، كونهم محاربون بسلاء لا يهابون الموت. مخطط آخر لم يخرج الى حيز التنفيذ هو الآخر هو اقامة دولة درزية على جبل الدروز، اليها يتم تهجير دروز اسرائيل ومعها تقام علاقات حميمة ودافئة (الارشيف).
فشلُ هذين المخططين ادى الى سعي اخر مثل اقامة لجان (لجنة تراختنبرغ وغيرها) هدفت مصادرة الاراضي ذات الملكية الشخصية وايداعها مع اراضي اسرائيل. مصادرة اراضي ملك شخصي بحجة بناء مشاريع عامة مثل شارع 6، خط لتمرير انابيب غاز وغيره من التخطيطات. ثم بدأت عملية سن قوانين مجحفة اتجاه الصديق ايضا مثل قانون كامنتس والمحاكم القضائية والعقوبات التي جلبها معه. هذا القانون اتبع سياسة التمييز العنصري، فقد تساهل مع المستوطنين اليهود وفاقم غراماته وعقوباته اتجاه الاخرين كتتمة لسياسة التفقير، مع ان التقصير في تخطيط القرى نبع من سياسة حكومية لم تترك للمواطن اي امكانية لبناء بيت بشكل يتوافق مع القانون القائم، فلا كانت رحمة من الحكومات ولا سُمحت حتى الصلاة بالرحمة لهم. بعدها تم سن قانون القومية الذي يضع الصديق والشريك في بناء الدولة في تدريج المواطن الاقل مساواة مع اخيه اليهودي. والصديق هذا لا ولم يبغِ سوى المساواة المدنية في الحقوق. هنا التآكل في القيم والحقوق الاجتماعية وفي المبادئ الانسانية والديمقراطية تعدى الى مرحلة التشريع والتستّر من خلف قوانين مجحفة من خلفها تمييز عنصري، بادر بها وسعى لسنِّها يمين متدين متطرف على الاغلب.
*تآكل قيمي داخل المجتمع اليهودي*
بما ان السلوك غير القيمي وغير الاخلاقي لا يعرف حدوداً وبمجرد لويِه مرة تلو الاخرى، يزداد الالتواء به وتكثر انحناءاته الى اقصى الحدود. هنا تبدأ مسيرة أخرى موجهة الى من هو مغاير للمجموعة الانتمائية الواحدة. عملية ارتداد عنصري ذاتي. بما معناه: جَنَت على اهلها براقش.
فما نراه في الآونة الاخيرة هو بمثابة صراع بين اليهودي وأخيه اليهودي، صراع حتمي ناتج عن تآكل مستمر في القيم الانسانية والاخلاقية كانت موجهة الى العدو، الى الاخر، الى المغاير، الى الصديق والان الى الاخ المغاير، والمختلف بالرأي، والتوجه، والايمان.. وها نحن نشهد صراعاً بين المتدين اليهودي وغير المتدين، بين المثولين والجندارين وبين المتزمتين بتدينهم، بين اليمين واليسار... ثم بدأت محاولات فرض توجه جهة على أخرى بشتى الطرق وبسُبل تحمل في طياتها غسل ادمغة ثم تعدت الحدود الى استغلال الاغلبية للسلطة الملقاة على عاتقهم لخدمة جميع المواطنين، لكي يقدموا اجندة فئوية تمثل توجههم دون مراعاة شعور ومصالح الغير.
ثم استمر لَيّ وطي وتآكل القيم الاخلاقية والانسانية الى حد تشريع من هو ليس بأهل لمنصب وزاري وفق القانون القائم عن طريق سن قانون خاص يخالف قوانين اخرى، قانون درعي، قانون بن غپير، قانون نتنياهو، قانون سموترتش.. لم يكن اكتفاء في الشرعنه المشخصنة، بل وصل فرض الرأي والسياسة الى تفكيك وحدة وزارية واحدة الى اجزاء كي تفرض مبادئ حزبية مقتصرة على عامة الشعب، ونرى محاولات التجزئة في مكتب التعليم والثقافة، في مكتب الامن مكاتب تكمن خطورة وابعاد خطرة في تجزئتها.
وباتت قيم ومبادئ الديمقراطية في خطر فمحكمة العدل العليا - حارس الديمقراطية- امست في خطر التسييس ومؤسسة المستشار القضائي باتت تخاف على استقلاليتها واصبحت الاقلية في قلق كبير على حقوقها...
والخلاصة ان التآكل في القيم الانسانية والاخلاقية والديمقراطية يبدأ حين تتم عملية ازدواجية التعامل السلوكي وحين تتم شرعنه ما او عملية تغميض عن خروقات لها. واي خروقات تجلب وراءها تفاقمًا سلوكيًا يطوي ويلين طي القيم الى ان يعود الى مردود ذاتي يمس بفاعِلها ومُلَينِها وبالمجتمع التي ينتمي اليه وبالتالي يجني على نفسه او على مجتمعه والمسألة هي مسألة وقت فقط.
وما يتبقى للإنسان هو الاخذ بالعِبر!.
الْتِحام هادي زاهر كلّ المفاهيم تغيّرت في هذا الزّمنِ الملعون الْكَلِماتُ انْعَكَسَتْ مَعانيها مَنْ يُدافِع عَنْ حَقَهِ مَجْنون.. مجنون مَنْ يَنْسِفُ البيوت على...
الناصرة | 28.51° - 29.81° | |
حيفا | 30.52° - 31.83° | |
القدس | 26.18° - 28.4° | |
يافا | ° - ° | |
عكا | 30.97° - 32.27° | |
رام الله | 26.11° - 28.33° | |
بئر السبع | 32.32° - 32.32° | |
طمرة | 30.16° - 31.47° |
دولار امريكي | 3.532 | |
جنيه استرليني | 4.9821 | |
ين ياباني 100 | 3.2976 | |
اليورو | 4.3352 | |
دولار استرالي | 2.7053 | |
دولار كندي | 2.7595 | |
كرون دينيماركي | 0.5822 | |
كرون نرويجي | 0.4520 | |
راوند افريقي | 0.2911 | |
كرون سويدي | 0.4211 | |
فرنك سويسري | 3.6777 | |
دينار اردني | 4.9780 | |
ليرة لبناني 10 | 0.0233 | |
جنيه مصري | 0.1997 |
الشيخ وسيم زيدان: القيادة بلا أخلاقيات= منصب دون قدوة يقود إلى الفشل! القيادة ليست مجرد لقب أو موقع اجتماعي مرموق يتم الحصول عليه بالانتخاب أو التعيين. إنها أمانة ومسؤولية...
مقال الصحفي منعم حلبي الأسبوع الأخير حول تنظيم اقتتال شوارع بين الشباب مهم جدا وفي ذات الوقت مقلق. التفسيرات المحتملة لهذه الظاهرة الآخذة بالتفاقم قد تُشير إلى مجموعة من...